کد مطلب:168018 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:140

تأمل و ملاحظات
1) یُلاحظ المتأمّل فی هذه الخطبة القصیرة البلیغة الوافیة التی خطب الامام علیه السلام أصحابه بها: أنّ الامام علیه السلام ما فتاء یواصل امتحان عزائم أنصاره من خلال تذكیرهم هذه المرّة بتغیّر الامور وتنكّر الدنیا وإدبار معروفها! وأنّ ما یستقبلهم من


مجری حركة الاحداث لایحمل لهم إلاّ المكاره!

لكنّ المُلفتَ للانتباه هنا هو أنّ الامام علیه السلام فی هذه الخطبة أیضاً كان یحثّ أصحابه ویحرّضهم علی التمسّك بنصرته! فهاهو یذكّرهم بأنّ مابقی من الدنیا لیس إلاّ كماءٍ ضئیل فی قعر إناء صغیر! والایّام الباقیة من هذا العمر فی ظلّ حكومة الطاغوت أیّام لاعزّة فیها، عیشها خسیس كالمرعی الوبیل! فی عالم لایُعمل فیه بالحقّ، ولایُتناهی فیه عن الباطل! فالاولی للمؤمن أن یرفض هذا العیش الذلیل النكد، راغباً فی لقاء اللّه تحت رایة قائم بالحقّ، فإنّ أفضل الموت القتل فی سبیل اللّه، وهو الشهادة والسعادة! وإنّ أسواء حیاةٍ حیاةٌ بذُلٍّ تحت قهر الظالمین، إنها التعاسة والبرم!

وهنا كان أنصاره علیه السلام قد أدركوا مراده من هذه المقالة، وعلموا أنّه محزون لقلّة ناصریه! وأنّه أراد أن یختبر نیّاتهم وعزائمهم فی المضیّ معه حتی الشهادة! فبادر زهیر بن القین (رض) عن لسان جمیع الانصار ثمّ تصدّی بالقول نافع بن هلال (رض) وبُریر بن خضیر (رض) كما فی روایة ابن طاووس (ره) لتطمین الامام علیه السلام بأنّهم ثابتون علی نیّاتهم وبصائرهم، وعلی عهدهم فی موالاة من والاه، ومعاداة من عاداه، وأنهم موقنون بأنّ اللّه قد منّ علیهم بالامام علیه السلام إذ فتح لهم باب الجهاد بین یدیه لیفوزوا بالشهادة وهی أقصی أمنیّة المؤمنین الصادقین!

والانسانیة لم تزل إلی الیوم وتبقی إلی قیام الساعة تقراء قصة هذا المشهد الرائع من مشاهد مسیرة الركب الحسینی، فتقف إجلالاً وإكباراً لمقالة كلّ من نافع وبریر رضوان اللّه تعالی علیهما، وتتأمل بخشوع وإعجاب لاینقضی فی المعانی السامیة لاُنشودة الفداء والمواساة التی تضمّنتها مقالة زهیر بن القین رضوان اللّه تعالی علیه: (واللّه، لو كانت الدنیا لنا باقیة، وكُنّا فیها مخلّدین، إلاّ أنّ فراقها فی نصرك ومواساتك، لاثرنا الخروج معك علی الاقامة فیها!!).


2) ویستفاد أیضاً من قوله علیه السلام: (ألاترون أنّ الحقّ لایعمل به، وأنّ الباطل لایُناهی عنه!؟ لیرغب المؤمن فی لقاء اللّه محقّاً! فإنّی لاأری الموت إلاّ شهادة ولاالحیاة مع الظالمین إلاّ برما) أنّ المؤمنین جمیعاً فی كلّ عصر فی مثل هذه الحال أمام تكلیف عام بالقیام للّه، والامر بالمعروف والنهی عن المنكر، والعمل علی تغییر واقع حیاة الامة الاسلامیة علی أساس ما أمر اللّه تعالی به.